هناك بعض الشبهات التي تعترض عقول المتشككين والمنكرين للدين وحاجة الناس عليه، منها: شبهة الشر، وخلاصتها أنهم لا يستطيعون التوفيق بين وجود الشر في العالم، وبين وجود إله قدير كامل في جميع الصفات، ولقد ردَّ العلماء هذه الشبهة بردود متعددة، منها ما ذكره الأستاذ العقاد حيث قال: (فأما الإله القدير الذي لا يخلق شيئا؛ فهو نقيضة من نقائض اللفظ، لا تستقيم في التعبير؛ بل استقامتها في التفكير، فلا معنى للقدرة ما لم يكن معناها الاقتدار على عمل من الأعمال. وأما الكمال المطلق الذي يخلق كمالا مطلقا؛ فهو نقيضة أخرى من نقائض اللفظ، لا تستقيم كذلك في التعبير، بل استقامتها في التفكير، فإن الكمال المطلق صفة منفردة لا تقبل الحدود ولا أول لها ولا آخر... ومن البديهي أن يكون الخالق أكمل من المخلوق... فاتفاقهما في الكمال المطلق مستحيل... وأي نقص في العالم المخلوق فهو حقيق أن يتسع لهذا الشر الذي نشكوه، وأن يقترن بالألم الذي يفرضه الحرمان على المحرومين... فوجود الشر في العالم لا يناقض صفة الكمال الإلهي ولا صفة القدرة الإلهية ...). إن الدين يقدم لنا تفسيرا لهذه الشبهة بما يعرف بسُنة (الابتلاء)؛ ليميز الله الخبيث من الطيب، والمصلح من المفسد، فالحياة لا تسير على وتيرة واحدة، ومن عظمة الدين أنه يقدم لنا الجواب الكافي عن طبيعة الدنيا، والدواء الشافي عن أمراضها! قال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}... [ الأنبياء : 35]، وقال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمْوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}... [ البقرة : 155-157] وفي الحديث الصحيح عن صهيب - رضي الله عنه - أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: (عَجَبا لأمر المؤمن! إنَّ أمْرَه كُلَّه له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابتْهُ سَرَّاءُ شكر، فكان خيرا له، وإن أصابتْهُ ضرَّاءُ صَبَر، فكان خيرا له)... أخرجه مسلم.