فما هى الدوافع النفسية والظروف المجتمعية التى توقع أياً من الزوجين فى الخيانة ؟
تعرّف على الإجابة فى التحقيق التالى:
الطبيب والممرضة
أ.س: تزوجت زوجى بعد قصة حب دامت بيننا أربع سنوات، وهو طبيب تحاليل، وأنا خريجة آداب، وبعد عام واحد من زواجنا أخبرنى زوجى أنه يجب الممرضة التى تعمل معه، ويريد الزواج بها، وطلبت منه الطلاق، ولكن أهلى أقنعونى بضرورة الحفاظ على بيتى من أجل طفلى، ولكنى علمت بعد ذلك أن له سوابق، فأثناء خطبته لى كان قد خطب فتاة أخرى، وكان على وشك الزواج بها لولا حدوث بعض الخلافات بينه وبين تلك الخطيبة، فأتم زواجنا أنا وهو.
دعوة لحضور خطبة زوجها
د. ب: تزوجت زوجى عن حب، وبعد فترة اشترينا جهاز كمبيوتر، وبدأنا نتحدث سويًا على الشات مع مجموعة من الشباب والبنات، وعرفنى زوجى بهم على أننى صديقته من باب التسلية، وبعد فترة بدأت أحوال زوجى تتغير، ولم يعد ذلك المحب، وبعدها اتصلت بى إحدى بنات هذه المجموعة تدعونى لحفل خطوبتها، وكان داخلى إحساس أن خطيبها هو زوجى، وذهبت للحفل فإذا به زوجى فعلاً، وسلمت على العروس ولم أنطق بكلمة، ثم ذهبت بعدها للبيت، فعاد زوجى راجيًا السماح، وفتح صفحة جديدة، وطلب ألا أفضحه، ولكنى فقدت الثقة فيه للأبد.
أشك فى خيانته
أ. ع: أشك أنه يخوننى، زوجى رجل طيب مصلٍ وصائم، ولكن ذات مرة وجدت معه بعد عودته من السفر أشياء خاصة لا تكون إلا بين الرجل وزوجته، وارتبك حين سألته عن سر وجودها معه، فأخبرنى مرة أنها هدايا أهديت إليه، ومرة أخرى أنه كان ينوى أن يهديها لأحد أصحابه، ولكنى إلى الآن وبعد مرور سنوات أعيش بمرارة الزوجة المخدوعة، وأحس أنه سيأتى اليوم الذى أكتشف فيه خداعة وخيانته.
سفر الزوج
س.و: سافر صديق أبى للعمل بالخارج، وقبل سفره أوصى أبى علي أسرته (زوجته وأولاده)، وفى أحد الليالى صحوت من نومى فوجدت أبى يتحدث بالهاتف مع امرأة، واكتشفت بعد ذلك أنه يحدث زوجة صديقه التى استأمنه عليها، وأن هذه المرأة بتكرار تعاملاتها مع أبى فى غياب زوجها، وجدت فى أبى ما ينقصها، ولا أدرى ماذا أفعل تجاه أبى وهذه الزوجة لأنقذ أسرتين من التشرد؟
لماذا تخوننى؟
م.م: زوجتى امرأة فاضلة متدينة، ولا تحتاج لشيء فكل طلباتها مجابة، وبعد أن اشترينا الكمبيوتر خشيت على أولادنا من المواقع السيئة، فاستخدمت البرنامج الذى يمكِّن المستخدم من معرفة من استخدم الكمبيوتر، وماذا فعل به، وكانت المفاجأة حين اكتشفت أن زوجتى تدخل على الشات، وتكلم رجلاً وتخبره أنها تحبه، ولا تحب زوجها - أنا - الذى لا يحس بها وبمشاعرها، وكانت صدمة كبيرة لى، فأنا لم أبخل عليها أبدًا بمشاعرى، ولا أدرى لماذا تخوننى؟
الحمو الموت
هـ. ع: كنت من الشباب الذين يصلون، ويرتادون المساجد، وكان أخى الأكبر يفتح لى بيته، ولكن بعد فترة وقعت فى الحرام مع زوجته، وتكرر الأمر بيننا، وما زلت أجلس فى جلسات المساجد، وأشعر أننى منافق، ويعلم الله ما أسره وما أفعله، ولا أدرى كيف أتخلص من الذنب الذى لحق بى.
وردًا على هذه الحالات المزعجة التي تنذر بانهيار الأسرة والمجتمع...
يقول د. رشاد عبد اللطيف - عميد كلية الخدمة الاجتماعية بجامعة حلوان: إن الخيانة الزوجية ظاهرة سلبية موجودة فى مختلف المجتمعات الإنسانية، ولكنها تختلف من مجتمع لآخر.
ولقد مرت المجتمعات العربية بتغيرات اجتماعية سلبية نتيجة التحضر والغزو الثقافى الغربى، وكان من نتاجها الخيانة الزوجية، والتى قد ترجع إلى غياب الزوج، والانتقال من مجتمع إلى آخر، والهجرة من الريف إلى الحضر، وعدم التكافؤ الزوجى، وغياب التنشئة الاجتماعية التى تغرس الوازع الدينى فى الأبناء، فمن لا يستحى من الله يفعل ما يشاء.
ويضيف أن الوضع الاقتصادى وزيادة مستوى الفقر، يؤثر على العلاقة الزوجية، فغياب الرجل كثيرًا سعيًا وراء عمله، وعودته منهكًا لا يستطيع القيام بواجباته الزوجية، أو الحديث مع زوجته، أو الاهتمام بما تقول يعد سببًا رئيسيًا فى الخيانة الزوجية.
المتغيرات الاجتماعية
كما أن المتغيرات الاجتماعية الواضحة للعيان الآن من اختلاط واسع لا حدود له، وملابس فاضحة للنساء والبنات، وإتاحة ما يحدث فى غرف النوم بالوسائل الإلكترونية لكل راغب زاد من سعار الشهوة، ومن الفتور بين الزوج وزوجته، كل ذلك في ظل غياب الوازع الدينى، مما زاد المشكلة سوءًا.
وفى مجتمعاتنا الشرقية بعض الأفكار الخاطئة التى قد تسهم فى تسهيل وتبرير خيانة الرجل لزوجته، وهو أنه إذا أخطأ الرجل يلام، ولكنه لا يتهم بجلب العار، أما المرأة فهى الملومة والمسئولة عن كرامة وشرف الأسرة، ولذا لا يشعر بعض الخائنين بالذنب.
لذا نرى من الضرورى عودة احترام الرجل لزوجته، وعودة الحوار واللقاء الأسرى الدافئ الذى يدعم علاقة كل أفراد الأسرة ببعضهم، وبالتالى يشعر الجميع بالسعادة والحب والأمان فى ظلها، ويجاهد من أجل الحفاظ على بقائها.
ويشير إلى أن المناطق الشعبية التى تتسم بالانفتاح، وحوار الشبابيك والبلكونات تعد من الأمور التى قد تسهم فى حدوث الخيانة الزوجية بشكل أكبر.
الكلمة الطيبة صمام أمان للزوجة
أما د. صفاء إسماعيل - مدرسة الإرشاد النفسى بجامعة القاهرة: فتحدثنا عن الدوافع النفسية للخيانة الزوجية، فتقول: إن أهم سبب للخيانة الزوجية هو الفراغ العاطفى، وعدم إشباع حاجات الطرف الآخر النفسية والجسدية، فبالنسبة للمرأة، فإن ما يدفع الرجل إلى خيانتها هو عدم اهتمامها بنفسها وجمالها ورقتها معه فى ظل وجود التبرج في الشوارع، وفى الإعلام الذى يضع الزوجة فى مقاربة خاسرة مع أولئك الجميلات، خاصة إذا لم يحسب الزوج أى حساب للاعتبارات الواقعية والحياتية، ككون هذه المرأة شريكته وأم أولاده، وأن هذا الجمال الذى يراه زائف مصطنع، وعدم تدليل المرأة لزوجها وإغداقه بالحب، وتفاقم المشكلات مثل غيرتها المفرطة، وشكها فيه، ومحاصرته بالأسئلة يسبب هروبه الدائم، وسأمه من البيت والزوجة، وبحثه عن بديل آخر خارج البيت، فيكون من السهل جذبه لمستنقع الخيانة والرذيلة أو الزواج الثانى.
وبالنسبة للمرأة فإنها فى حاجة دائمة للكلمة الطيبة تسمعها من حبيبها وزوجها الذى قد يبخل عليها بها، بل قد يعنفها أو يهملها فى حين يوجد طرف آخر فى محيط هذه المرأة، وقد يكون هذا الآخر طبيب الأسرة، أو زميل العمل، أو محامى، أو صديق الزوج، أو أخيه هذا الشخص يتكرر وجوده فى حياة المرأة التى تشعر بفراغ عاطفى لا يملئه إلا وجود بديل، تتحدث معه عن آمالها وآلامها، وطموحاتها، فيسمعها ويتعاطف معها، وتبدأ الزوجة فى الانشغال به، أو تمنيه، وإذا لم يكن لديه دين فإنه يستغل هذه الحالة، ويُسمعها معسول الكلام الذى يلمس حاجتها إليه، فتقع فى الخطيئة بعد ذلك.
فعلى الزوج والزوجة أن يتفهما احتياجات كل منهما للآخر، ولتكن المصارحة سبيلهما لإشباع هذه الاحتياجات.
ولقد أثبتت الأبحاث أن الرجل بصرى والمرأة سمعية، وأن الرجل له اهتمامات أولها عمله أو دراسته وبعدها زوجته، ولكن المرأة يأتى زوجها فى أولى اهتماماتها، فإذا ما تفهم الرجل ذلك لم يسأم من ارتباط زوجته به، بل قد يسعد بذلك.
وإذا أوجد الزوجان اهتمامات مشتركة تجمعهما أو هوايات محببة إليهما، فإن ذلك يدعم علاقتهما، ويحصنهما من الغواية.
ولكن كيف تحصن الأسرة نفسها من الوقوع فى الخيانة؟
- إن أبرز أسباب الوقاية فى الشريعة الإسلامية تنظيم اللقاءات العامة واللقاءات الخاصة، فمن ناحية اللقاءات الخاصة المنفردة منع الإسلام أن يخلو رجل بامرأة أجنبية عنه، أي ليست زوجًا له، ولا من محارمه، ويسمى الفقه هذه الحالة الخلوة الشرعية الممنوعة على جميع الناس درءًا للمعصية، حتى من كان يظن فى نفسه شدة الانضباط، وذلك لنهى صريح من رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يخلون رجل بامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما) فإذا أتيحت الخلوة، فإن لغة الغرائز والشهوات يتاح لها مناخ يفرض نفسه على الطرفين.